recent
أخبار عاجلة

واشنطن تستخدم الفيتو مجددًا: مشروع وقف إطلاق النار في غزة يسقط أمام إرادة أميركية منفردة

واشنطن تستخدم الفيتو مجددًا: مشروع وقف إطلاق النار في غزة يسقط أمام إرادة أميركية منفردة

واشنطن تستخدم الفيتو مجددًا: مشروع وقف إطلاق النار في غزة يسقط أمام إرادة أميركية منفردة
واشنطن تستخدم الفيتو مجددًا: مشروع وقف إطلاق النار في غزة يسقط أمام إرادة أميركية منفردة

مقدمة صوت الواقع

في مشهد بات يتكرر كلما اقترب العالم من لحظة إنسانية جامعة، أعادت الولايات المتحدة الأميركية تأكيد موقفها المنحاز من خلال استخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي كان يهدف إلى وقف إطلاق النار في غزة، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين في القطاع المحاصر.
القرار الذي لاقى دعمًا واسعًا من قبل 14 دولة من أصل 15 عضوا في المجلس، سقط أمام الفيتو الأميركي الذي شكل صفعة دبلوماسية جديدة لمطالب المجتمع الدولي المتكررة بإنهاء المجازر والانتهاكات الجارية منذ أشهر في القطاع.

الفيتو الذي أسكت الإنسانية

بينما كانت الجلسة تسير بهدوء مشوب بالقلق، ألقت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة دوروثي شيا كلمة كشفت من خلالها عن النوايا الأميركية الرافضة لأي قرار لا يتوافق تمامًا مع رؤية واشنطن للحل. فقبل التصويت بدقائق، صرّحت شيا بأن مشروع القرار "سيقوض الجهود الدبلوماسية" الرامية للتوصل إلى وقف إطلاق نار "يعكس الواقع على الأرض" – بحسب تعبيرها – وأن من شأن تمريره أن "يشجع حركة حماس".

وبكلمات مباشرة، أوضحت المبعوثة الأميركية أن بلادها ترى في مشروع القرار توازنًا زائفًا بين إسرائيل، الدولة المحتلة ذات القوة العسكرية الهائلة، وحركة حماس، الفصيل الفلسطيني الذي تقوده واشنطن إلى واجهة الصراع باعتباره المسؤول الوحيد عمّا يجري في غزة.

رؤية أميركية أحادية في مجلس الأمن

التصويت الذي جرى في مقر الأمم المتحدة بنيويورك لم يكن مجرّد إجراء شكلي. بل مثّل لحظة فارقة تكشف مدى انقسام المجتمع الدولي حول مسألة الصراع في غزة، وتحديدًا حول كيفية التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي وممارساته في القطاع المحاصر منذ أكثر من 17 عامًا.

ففي الوقت الذي أعلنت فيه 14 دولة تأييدها لمشروع القرار، وقفت الولايات المتحدة بمفردها مستخدمة سلاح الفيتو الذي لطالما وظّفته لحماية إسرائيل من قرارات دولية تعتبرها غير منصفة لحليفتها في الشرق الأوسط.

هذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها واشنطن حق النقض لصالح إسرائيل، لكنها تأتي في لحظة بالغة الحساسية، إذ يعيش أكثر من 2.1 مليون فلسطيني في غزة تحت نيران الحرب، محاصرين في ظروف توصف أمميًا بأنها "كارثية"، فيما تتزايد الدعوات الدولية لوضع حد لهذه المعاناة المستمرة منذ أكثر من ثمانية أشهر.

حجج أميركية مثيرة للجدل

في تبريرها للفيتو، اعتبرت السفيرة شيا أن تمرير القرار سيؤدي إلى "تجميد المفاوضات الجارية خلف الكواليس"، وأن الضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار دون ضمانات معينة "لا يخدم السلام"، بل "يشجع حماس على الاستمرار في تهديد الأمن الإسرائيلي" – على حد تعبيرها.

لكن هذه الحجج وُوجهت بانتقادات حادة من عدة دول وكيانات حقوقية، رأت فيها تبريرًا ضمنيًا لاستمرار القصف الإسرائيلي العنيف الذي لم يفرّق بين المدنيين والمقاتلين، وتسبب حتى الآن في سقوط عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، معظمهم من النساء والأطفال.

اللافت في تصريح شيا أيضًا هو تأكيدها أن "إزالة حماس والتنظيمات الأخرى ستمكّن غزة من مستقبل أفضل"، ما يُفهم منه أن واشنطن تدعم بشكل ضمني الحلول العسكرية وتُقصي تمامًا فكرة الحلول السياسية أو التفاوضية مع أطراف فلسطينية تحظى بشعبية في القطاع.

الإجماع الدولي يتكسر على صخرة الفيتو

مواقف الأعضاء الآخرين في مجلس الأمن كانت واضحة وصريحة. إذ أكدت العديد من الدول، وعلى رأسها فرنسا والبرازيل وروسيا والصين، أن استمرار العمليات العسكرية في غزة أصبح غير مقبول أخلاقيًا وإنسانيًا، وأن وقف إطلاق النار بات ضرورة لا خيارًا، نظرًا لتدهور الوضع الإنساني وغياب أي أفق لحل سياسي حقيقي.

مشروع القرار الذي أسقطه الفيتو الأميركي لم يكن متحيزًا لأي طرف، بل تضمن نقاطًا إنسانية بالأساس، منها:

  • الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار بين الطرفين.

  • السماح بدخول المساعدات الإنسانية دون قيود إلى غزة.

  • الإفراج عن جميع الرهائن المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية، خاصة عقب أحداث 7 أكتوبر 2023.

إلا أن مجرد تضمين هذه المطالب دون الإشارة الصريحة إلى "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" – كما تطالب واشنطن دومًا – كان كافيًا لرفضه.

خلفيات القرار: ما بعد 7 أكتوبر

القرار يأتي على خلفية التصعيد المستمر منذ هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر 2023، والذي ردت عليه إسرائيل بشن حملة عسكرية واسعة ضد غزة شملت غارات جوية وبرية أودت بحياة الآلاف، ودمرت البنية التحتية بشكل شبه كامل، ودفعت مئات الآلاف من السكان للنزوح من منازلهم.

ورغم الإدانات الواسعة للعمليات الإسرائيلية، بما في ذلك من منظمات إنسانية وأممية مثل "أطباء بلا حدود" و"أونروا" و"الصليب الأحمر"، فإن الدعم الأميركي المطلق لإسرائيل ظل قائمًا، ما شكل عائقًا أمام أي تحرك دولي فعال لوقف المجازر المتواصلة.

أسئلة مطروحة حول دور الأمم المتحدة

هذا الفيتو الجديد أعاد فتح النقاش حول مدى فعالية مجلس الأمن الدولي في ظل امتلاك خمس دول فقط حق النقض، مما يُفقد القرارات طابعها الديمقراطي ويفرغ آلية التصويت من مضمونها.
فإذا كانت إرادة 14 دولة لا تكفي لتمرير قرار إنساني عاجل، فما جدوى وجود هذا المجلس أصلًا؟
وهل ما زالت الأمم المتحدة قادرة على لعب دور حقيقي في فرض السلام، أم أصبحت مجرد واجهة للصراعات الجيوسياسية الكبرى؟

الفلسطينيون بين نارين: القصف والحصار

المأساة في غزة تتجاوز السياسة، إذ يعيش المدنيون بين نيران القصف الإسرائيلي وجحيم الحصار المفروض على كل ما يدخل القطاع، من الغذاء إلى الوقود وحتى المعدات الطبية.
وقد حذرت منظمة الصحة العالمية في وقت سابق من أن القطاع يواجه انهيارًا صحيًا كاملاً، مع توقف عدد كبير من المستشفيات عن العمل، ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية، وارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض المعدية نتيجة سوء التغذية وانعدام النظافة.

وفي ظل استمرار العمليات العسكرية، يواجه سكان غزة خيارًا مرًا: إما الموت جوعًا أو الموت تحت القصف، بينما يقف العالم عاجزًا أو متواطئًا.

الخلاصة: فيتو يسقط السلام ويرفع معاناة المدنيين

استخدام الولايات المتحدة لحق النقض ضد مشروع قرار إنساني يُعتبر صفحة سوداء جديدة في سجل تعاملها مع قضايا الشرق الأوسط. ففي الوقت الذي تطالب فيه واشنطن باحترام القانون الدولي وحقوق الإنسان في مناطق أخرى من العالم، نجدها تقف عائقًا أمام قرار بسيط يطالب بوقف القتل الجماعي وفتح الطريق أمام المساعدات الإنسانية.

ورغم كل ما حدث، فإن الإجماع الدولي على دعم القرار يبعث برسالة أمل مفادها أن الضمير العالمي لا يزال حيًا، وأن هناك من لا يزال يطالب بالعدالة للفلسطينيين، حتى لو اصطدمت إرادتهم بحائط الفيتو الأميركي.

google-playkhamsatmostaqltradent