recent
أخبار عاجلة

نظافة الفم قد تحمي قلبك: خطر نوبات القلب المفاجئة يبدأ من فرشاة الأسنان

الصفحة الرئيسية

نظافة الفم قد تحمي قلبك: خطر نوبات القلب المفاجئة يبدأ من فرشاة الأسنان

نظافة الفم قد تحمي قلبك: خطر نوبات القلب المفاجئة يبدأ من فرشاة الأسنان

نظافة الفم قد تحمي قلبك: خطر نوبات القلب المفاجئة يبدأ من فرشاة الأسنان

مقدمة صوت الواقع 

عندما نتحدث عن العناية بالصحة، يتبادر إلى الأذهان الغذاء، الرياضة، أو حتى ساعات النوم، لكن قلة هم من يدركون أن العناية بالأسنان، وخصوصًا تنظيفها ليلًا، قد يكون لها تأثير يتعدى مجرد الحفاظ على ابتسامة ناصعة، ليصل إلى حماية القلب من نوبات قد تكون قاتلة.

في دراسة حديثة أثارت اهتمام المجتمع العلمي، حذر باحثون من أن إهمال تنظيف الأسنان في الليل لا يقتصر فقط على زيادة احتمالية تسوس الأسنان أو التهاب اللثة، بل قد يؤدي إلى نتائج كارثية ترتبط بأمراض القلب، وعلى رأسها الرجفان الأذيني، الذي يُعد من أبرز مسببات السكتات القلبية والدماغية المفاجئة.

من الفم إلى القلب: كيف تبدأ المشكلة؟

داخل الفم، تنشط يوميًا مئات الأنواع من البكتيريا، بعضها نافع، بينما البعض الآخر قد يكون ضارًا. وعند إهمال تنظيف الأسنان، خاصة في الفترة الليلية التي تتباطأ فيها عملية إفراز اللعاب، تتوفر البيئة المثالية لتكاثر البكتيريا الممرضة.

أحد أخطر هذه الأنواع هي بورفيروموناس اللثينغيفاليس، بكتيريا مرتبطة مباشرة بالتهاب دواعم السن، وهو أحد أشكال أمراض اللثة المتقدمة. وتكمن الخطورة في أن هذه البكتيريا لا تكتفي بإحداث التهابات محلية في الفم، بل يمكنها التسلل إلى مجرى الدم، مستغلة الثغرات التي تفتحها أمراض اللثة في الأنسجة المحيطة بالأسنان.

ومتى ما وصلت هذه البكتيريا إلى الدم، فإنها تصبح قادرة على الوصول إلى القلب، حيث وُجدت في دراسات مختبرية داخل الأذين الأيسر – المنطقة المسؤولة عن تنظيم نبضات القلب.

الرجفان الأذيني: التهديد الصامت

الرجفان الأذيني هو اضطراب في نظم القلب يتسبب بعدم انتظام وسرعة في نبضات القلب. وقد يبدو الأمر بسيطًا، لكنه يحمل في طياته خطرًا كبيرًا، إذ إن عدم انتظام ضخ الدم من الأذين يمكن أن يؤدي إلى تكون جلطات دموية تنتقل إلى الدماغ مسببة سكتة دماغية، أو قد تُضعف القلب تدريجيًا مؤدية إلى فشله.

وقد تبين في الدراسة الحديثة أن وجود بكتيريا الفم داخل عضلة القلب يرتبط بتحفيز تكوّن نسيج ندبي يعرف بالتليف. هذا التليف يغير البنية الطبيعية للقلب ويمنع الإشارات الكهربائية من الانتقال بسلاسة، مما يعزز حدوث الرجفان الأذيني.

الإصابة بأمراض القلب تبدأ من التهاب اللثة؟

من المعروف منذ سنوات أن هناك علاقة بين التهاب دواعم السن وزيادة احتمال الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. لكن الجديد الذي تقدمه هذه الدراسة، هو وجود احتمال بأن البكتيريا نفسها، وليس فقط الالتهاب، هي التي تلعب دورًا في هذه العلاقة المعقدة.

فعندما تغزو بكتيريا P. gingivalis الأنسجة القلبية، فإنها قد تؤدي إلى استجابة مناعية مفرطة. إذ تندفع الخلايا المناعية لمحاربتها، مسببة التهابًا واسع النطاق، لا يقتصر على القلب فقط، بل قد يؤثر أيضًا على شرايين الدماغ وأعضاء أخرى.

والمقلق أن هذه البكتيريا لم تُرصد فقط في القلب، بل تم اكتشافها في أعضاء بعيدة كالكبد، الدماغ، والمشيمة، ما يؤكد قدرتها على اجتياز الحواجز المناعية والوصول إلى أماكن لم يكن يُظن يومًا أنها ترتبط بالفم.

الإهمال الليلي... أسوأ توقيت لترك الأسنان بلا تنظيف

الليل هو الوقت الأهم للعناية بالفم. خلال النوم، تقل كمية اللعاب التي تُفرز في الفم، وهي المادة الطبيعية التي تساعد على تنظيف الفم وتخفيف حدة البكتيريا. وعند ترك الأسنان من دون تنظيف، فإن البكتيريا تجد البيئة المثالية لتكاثرها.

وبمرور الوقت، يتحول هذا الإهمال إلى تراكمات بكتيرية تُعرف بـ"البلاك"، ومع تزايدها، تبدأ اللثة في الالتهاب، وتنكمش الأنسجة المحيطة بالأسنان، وتتشكل الفجوات التي تسمح للبكتيريا بالدخول إلى مجرى الدم.

وفي ضوء نتائج الدراسة، فإن هذه الممارسات اليومية غير السليمة، قد تضع الإنسان في مواجهة غير مباشرة مع أخطر أمراض العصر: أمراض القلب.

التنظيف البسيط... درع وقاية للقلب

من اللافت في الدراسة، أن الحل لا يتطلب تقنيات معقدة أو أدوية باهظة الثمن. بل يكمن ببساطة في الفرشاة ومعجون الأسنان وخيط التنظيف.

إليك خطوات بسيطة يمكن أن تُحدث فرقًا جوهريًا:

  1. تنظيف الأسنان مرتين يوميًا، خاصة قبل النوم.

  2. استخدام فرشاة ناعمة ومعجون يحتوي على الفلورايد.

  3. استبدال الفرشاة كل 3 أشهر أو عند تآكل الشعيرات.

  4. استعمال خيط الأسنان لإزالة البلاك من بين الأسنان، مرة واحدة يوميًا على الأقل.

  5. استخدام غسول الفم المطهر لتعزيز النظافة.

  6. تنظيف اللسان بأداة خاصة، لمنع تراكم البكتيريا عليه.

  7. تقليل السكر والتدخين، لأن كليهما يغذيان البكتيريا ويضعفان جهاز المناعة.

  8. زيارة دورية لطبيب الأسنان كل 6 أشهر للفحص والتنظيف الاحترافي.

ما الذي يجب أن نتعلمه من هذا؟

إذا كان القلب يُعدّ مركز الحياة، فإن الفم أصبح بوابة هذا المركز. ونحن اليوم أمام وعي صحي جديد، يؤكد أن الوقاية لا تبدأ فقط من النظام الغذائي أو التمارين الرياضية، بل من العناية اليومية بالفم.

وما يزيد من أهمية هذه النتائج، هو الارتفاع المطرد في عدد حالات الرجفان الأذيني حول العالم، إذ تشير الإحصائيات إلى تضاعف الحالات بين عامي 2010 و2019 من 33.5 مليون إلى نحو 60 مليون حالة. هذا النمو السريع يُحتم البحث عن الأسباب الخفية، والتي ربما يكون من بينها صحة الفم.

ختامًا: فمك مرآة قلبك

العلاقة بين صحة الفم والقلب لم تعد محض افتراض أو رأي طبي، بل أصبحت مدعومة بالأدلة العلمية. فكل مرة تُهمل فيها تنظيف أسنانك ليلًا، ربما تفتح بابًا لبكتيريا شرسة، تسير بهدوء نحو القلب، وتبني في طريقها سلسلة من الالتهابات والتليفات التي قد تنتهي بنوبة قلبية مفاجئة.

العناية بالأسنان ليست ترفًا تجميليًا، بل ضرورة صحية قد تنقذ حياتك. وبينما لا تزال الأبحاث مستمرة لفهم كل آليات العلاقة بين اللثة والقلب، هناك شيء واحد لا يختلف عليه اثنان: ابدأ الليلة بتنظيف أسنانك... قد يكون ذلك أفضل ما تفعله لقلبك.

google-playkhamsatmostaqltradent