ترقّب عالمي وأسواق متقلبة: المستثمرون في انتظار بيانات التضخم الأمريكية وسط موجة حذر عارمة
![]() |
| ترقّب عالمي وأسواق متقلبة: المستثمرون في انتظار بيانات التضخم الأمريكية وسط موجة حذر عارمة |
مقدمة صوت الواقع
في مشهد يعكس حالة من الترقب والاضطراب التي تسيطر على أسواق المال العالمية، دخل المستثمرون اليوم الثلاثاء في حالة من الحذر الشديد، منتظرين بفارغ الصبر الإعلان المرتقب لبيانات التضخم الأمريكية الخاصة بشهر أبريل، وهي البيانات التي يُنظر إليها على أنها مؤشّر حاسم قد يعيد رسم خارطة السياسات النقدية المقبلة، لا سيما فيما يتعلق بتوجهات الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة.
الأسواق تفتح على تردد عالمي
افتتحت أسواق المال العالمية تداولاتها اليوم على وتيرة بطيئة ووتيرة مشوبة بالحذر، بالرغم من المكاسب التي سجلتها بالأمس مدفوعة بإعلان الولايات المتحدة والصين خفضًا مشتركًا ومؤقتًا للرسوم الجمركية لمدة 90 يومًا، في خطوة وصفت بأنها هدنة تجارية غير متوقعة جاءت لتخفيف حدة النزاع الاقتصادي الممتد بين القوتين.
ومع ذلك، فإن التفاؤل لم يصمد طويلًا، حيث طغى القلق من تقرير التضخم المرتقب على حالة الانتعاش المؤقت، لتسود أجواء من الترقب والشك في الأسواق الكبرى.
المؤشرات الأمريكية تحت الضغط
في الأسواق الأمريكية، افتتحت المؤشرات الرئيسية تداولاتها بانخفاض ملحوظ. حيث تراجعت العقود الآجلة لمؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 0.3%، في حين سجل مؤشر "إس آند بي 500" انخفاضًا بنسبة 0.4%، وامتد التراجع إلى مؤشر "ناسداك" الذي خسر 0.5% من قيمته. هذه التراجعات تعكس حجم التوترات بين أوساط المستثمرين الذين ينتظرون البيانات الجديدة بفارغ الصبر لتحديد مواقفهم الاستثمارية القادمة.
أوروبا تتماسك وسط العاصفة
على الجانب الأوروبي، أظهرت أسواق المال قدرًا من التماسك النسبي، حيث افتتح مؤشر "ستوكس أوروبا 600" تداولاته بارتفاع طفيف بنسبة 0.3%، وسجل المؤشر الألماني "داكس" صعودًا بنسبة 0.2%، بينما شهد "فوتسي 100" البريطاني ارتفاعًا خجولًا لكنه إيجابي. ويعزى هذا الأداء إلى محاولة المستثمرين استباق الأثر المتوقع لبيانات التضخم الأمريكية على السياسات النقدية الأوروبية.
تباين في الأسواق الآسيوية
في آسيا، جاء أداء الأسواق متباينًا، إذ سجل مؤشر "نيكاي 225" الياباني ارتفاعًا قويًا بنسبة 1.4%، مدفوعًا بآمال في أن تؤدي التهدئة الجمركية بين الصين والولايات المتحدة إلى دفع عجلة التصدير اليابانية. أما في الصين، فارتفع مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 0.2%، في حين شهد مؤشر "هانج سنج" في هونغ كونغ تراجعًا حادًا بلغ 1.7%، ما يعكس حذر المستثمرين في ظل الغموض الذي يكتنف مستقبل التوترات التجارية.
العملات الرقمية تهدأ بعد قفزة تاريخية
شهدت العملات الرقمية أيضًا موجة من التصحيحات السعرية، حيث تراجع سعر البتكوين بنسبة 0.2% ليبلغ 102,463 دولارًا، بعد أن وصل أمس إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من ثلاثة أشهر عند 105,716 دولار. ويشير محللون إلى أن هذا التراجع ليس سوى استراحة قصيرة بعد الصعود الحاد، خصوصًا وأن السوق لا يزال يعيش حالة من التفاعل مع التطورات الجيوسياسية والاقتصادية المتلاحقة.
الفيدرالي في موقف حرج
وتتجه الأنظار اليوم إلى ما ستكشفه وزارة العمل الأمريكية بشأن معدل التضخم في أبريل، إذ ستشكل الأرقام المنتظرة حجر الزاوية في مسار السياسة النقدية للفترة المقبلة. فبينما خففت الهدنة التجارية من الضغط الذي كان يُمارس على الاحتياطي الفيدرالي لتسريع وتيرة خفض الفائدة، فإن بيانات التضخم المرتفعة قد تدفعه نحو التشدد مجددًا، ما يضيف مزيدًا من الضبابية إلى توقعات الأسواق.
سندات الخزانة: مؤشرات مبكرة على الاتجاهات
من جهة أخرى، استقرت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات عند مستوى 4.457%، بعد أن كانت قد شهدت قفزة بمقدار 8 نقاط أساس في جلسة الاثنين. ويشير محللون استراتيجيون إلى أن العوائد مرشحة للارتفاع أكثر خلال الأشهر القليلة المقبلة، مع ازدياد القلق بشأن التضخم والعجز المالي المتصاعد، وهو ما قد يُعيد ترتيب أولويات المستثمرين بين السندات والأسهم.
الدولار يلتقط أنفاسه
أما الدولار الأمريكي، فقد تراجع قليلًا بعد أن كان قد سجل أعلى مستوياته في شهر، متأثرًا بجني الأرباح وحالة الترقب الحذر. وانخفض مؤشر الدولار – الذي يقيس أداء العملة الأمريكية أمام سلة من العملات الرئيسية – بنسبة 0.2% ليستقر عند 101.618، بعد أن بلغ 101.977 في جلسة الأمس.
أسواق الطاقة تتأرجح بين الأمل والقلق
أسعار النفط هي الأخرى دخلت في نفق التذبذب، فبينما ارتفعت أسعار خام برنت بنسبة 0.2% لتصل إلى 65.08 دولارًا للبرميل، صعد خام غرب تكساس الوسيط بالنسبة ذاتها مسجلًا 62.09 دولارًا للبرميل. وتأتي هذه التحركات في ظل القلق من مستقبل المفاوضات التجارية، وتزايد الحديث عن إمكانية تخمة معروض قادمة من دول تحالف أوبك+.
الذهب يستعيد بريقه مؤقتًا
في الأسواق المعدنية، استعاد الذهب جزءًا من خسائره بعد أن هبط لأدنى مستوى له في أسبوع خلال الجلسة السابقة، وارتفعت العقود الآجلة للمعدن الأصفر بنسبة 1% لتصل إلى 3,260.90 دولارًا للأونصة. ويمثل الذهب أحد أهم الملاذات الآمنة في فترات التقلبات الاقتصادية، وهو ما يفسر عودته السريعة مع ارتفاع المخاطر التضخمية.
ختام: السوق في مفترق طرق
بلا شك، تقف الأسواق العالمية اليوم على مفترق طرق حاسم. إذ أن أي مفاجأة في بيانات التضخم – سواء صعودًا أو هبوطًا – قد تشكل صدمة للأسواق وتعيد ضبط الحسابات برمتها. وفي ظل توازن دقيق بين الحذر والتفاؤل، يبقى المستثمرون في حالة انتظار متوتر، بينما تتحول الأنظار إلى وزارة العمل الأمريكية التي ستمسك بمفتاح القرار القادم.
"صوت الواقع" سيوافيكم بالتفاصيل الكاملة فور صدور البيانات، وتحليل شامل لانعكاساتها على الأسواق والسياسات النقدية حول العالم.
