recent
أخبار عاجلة

الصين تعلن دعمها المطلق لسيادة مصر على قناة السويس وترفض تصريحات ترامب المثيرة للجدل

الصين تعلن دعمها المطلق لسيادة مصر على قناة السويس وترفض تصريحات ترامب المثيرة للجدل

الصين تعلن دعمها المطلق لسيادة مصر على قناة السويس وترفض تصريحات ترامب المثيرة للجدل

مقدمة صوت الواقع

في تطور دبلوماسي يحمل أبعادًا استراتيجية لافتة، أكدت الصين مجددًا وقوفها الكامل إلى جانب جمهورية مصر العربية فيما يتعلق بسيادتها على قناة السويس، وذلك في أعقاب تصريحات مثيرة للجدل أطلقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، زعم فيها أن للولايات المتحدة "الفضل في وجود" قناتي السويس وبنما، مطالبًا بحرية مرور كاملة لسفن بلاده عبرهما.

وقد أثارت هذه التصريحات موجة واسعة من الغضب في الأوساط السياسية والإعلامية المصرية والعربية، باعتبارها تجاوزًا على السيادة الوطنية لدول ذات تاريخ ومكانة، من بينها مصر التي لطالما اعتبرت قناة السويس رمزًا للكرامة الوطنية ومصدرًا حيويًا للاقتصاد القومي.

وفي هذا السياق، خرج القنصل العام لجمهورية الصين الشعبية في مدينة الإسكندرية، السيد "يانغ يي"، بتصريحات حصرية لـ"صوت الواقع"، أكد فيها على موقف بلاده الراسخ تجاه احترام سيادة مصر ورفض أي محاولة خارجية للنيل من حقوقها المشروعة.

بكين تجدد موقفها: السيادة على قناة السويس غير قابلة للنقاش

في بداية تصريحه، أوضح القنصل الصيني أن قناة السويس هي ممر دولي يخضع بالكامل للسيادة المصرية، وتُدار من قبل الحكومة المصرية دون أي تدخل خارجي. وأضاف أن ما صدر عن الرئيس الأمريكي السابق لا يعكس سوى خطابًا شعبويًا لا يُراعي تعقيدات الجغرافيا السياسية ولا يحترم حقوق الدول المستقلة في إدارة مقدراتها الوطنية.

وأكد "يانغ يي" أن وزارة الخارجية الصينية سبق وأن تناولت هذا الموضوع خلال مؤتمر صحفي رسمي بتاريخ 7 مايو 2025، حيث شدد المتحدث باسمها على أن الصين تدعم بشكل كامل سيادة مصر على قناة السويس، وترفض بشكل قاطع أي تصريحات أو محاولات تُقوض هذا الحق.

العلاقات المصرية الصينية: تحالف يتجاوز التعاون الاقتصادي

وواصل القنصل حديثه بالإشارة إلى أن دعم الصين لمصر في هذا السياق ليس موقفًا ظرفيًا، بل يأتي في إطار تاريخ طويل من التضامن السياسي والدبلوماسي بين البلدين. واستحضر الموقف الصيني الداعم لمصر خلال أزمة السويس في عام 1956، عندما تصدّت القاهرة للعدوان الثلاثي الذي شنّته بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، بعد قرار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بتأميم القناة.

وأضاف أن بكين لم تكتفِ حينها بتأييد مصر سياسيًا في المحافل الدولية، بل قامت بتقديم دعم اقتصادي وتقني ملموس ساعد في تخفيف تداعيات تلك المرحلة الحرجة من تاريخ المنطقة.

قنوات تواصل دائمة بين بكين والقاهرة

أشار "يانغ يي" كذلك إلى أن العلاقة الحالية بين مصر والصين تقوم على أسس متينة من التنسيق المستمر والتشاور المتبادل. وأشاد بالدور المحوري للرئيس عبد الفتاح السيسي في تعزيز هذه العلاقة الاستراتيجية، عبر الانخراط الفعّال في مبادرة "الحزام والطريق"، والمساهمة في بناء شراكات استثمارية تعود بالنفع على الطرفين.

كما نوّه إلى العلاقات الشخصية القوية التي تربط بين الرئيس السيسي ونظيره الصيني شي جين بينغ، مشيرًا إلى أن لقاءاتهما المتكررة ساهمت في دفع العلاقات الثنائية إلى مستويات غير مسبوقة، سواء في مجالات البنية التحتية، أو الطاقة، أو الأمن الإقليمي.

تصريحات ترامب: محاولة لإعادة إنتاج الهيمنة؟

وعند سؤاله عن دلالات تصريحات ترامب الأخيرة، أشار القنصل الصيني إلى أنها تمثل "إرثًا قديمًا لسياسات التدخل"، وتكشف عن عقلية ما تزال ترى العالم من منظور السيطرة والنفوذ، متجاهلة التحولات العميقة في ميزان القوى العالمي.

وأضاف أن المجتمع الدولي لم يعد يتقبل مثل هذه الخطابات التي تتعامل مع الدول على أنها أطراف هامشية أو تابعة. فالدول النامية – حسب تعبيره – باتت تمتلك من الوعي والقدرة ما يجعلها تقف بقوة في وجه محاولات الإخضاع أو التهميش، خاصة عندما يتعلق الأمر بسيادتها الوطنية.

موقف عربي موحد مطلوب

في سياق متصل، دعا القنصل الصيني الدول العربية إلى الوقوف صفًا واحدًا خلف مصر في هذا الموقف، مؤكدًا أن قناة السويس ليست مجرد ممر مائي فحسب، بل هي رمز للسيادة العربية والاستقلال الاقتصادي.

وأردف قائلاً إن الدفاع عن سيادة مصر هو دفاع عن كرامة الأمة بأسرها، خاصة وأن التحديات الجيوسياسية المتصاعدة باتت تفرض على الدول النامية، ولا سيما العربية، أن تعيد التفكير في أدواتها الدفاعية والتحالفية، بعيدًا عن المظلات التقليدية التي لم تعد تفي بمتطلبات الأمن القومي والسيادة.

رسالة صينية للعالم: لا هيمنة بعد اليوم

أكد "يانغ يي" في ختام حديثه أن السياسة الخارجية الصينية في عهد الرئيس شي جين بينغ تقوم على مبدأ "الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية"، وهي مبادئ أصبحت تحظى بتقدير متزايد من الدول التي تسعى إلى التحرر من إرث الاستعمار والتبعية.

وأشار إلى أن الصين لا تسعى إلى لعب دور "الشرطي الدولي"، بل تؤمن بأن النظام العالمي يجب أن يقوم على أساس الشراكة لا الهيمنة، وعلى العدالة لا الانتقائية في تطبيق القوانين الدولية.

كما دعا في نهاية تصريحه إلى عقد منتدى دولي يضم الدول المطلة على الممرات المائية الاستراتيجية حول العالم، من أجل وضع آليات مشتركة تضمن احترام سيادة هذه الدول، وتمنع أي محاولات لاستغلال هذه المعابر لأغراض سياسية أو عسكرية.

استنتاجات وتحليلات

الموقف الصيني لم يأتِ من فراغ، بل يعكس تطورًا نوعيًا في توازنات القوى الدولية، حيث تسعى بكين إلى تعزيز مكانتها كقوة عالمية تحترم القانون الدولي وتدعم السيادة الوطنية للدول. وقد وجدت في قضية قناة السويس فرصة لتأكيد هذا النهج، في مقابل خطاب أمريكي يبدو، في بعض جوانبه، سجينًا لمرحلة ما بعد الحرب الباردة.

ومن الواضح أن الأيام القادمة قد تشهد مزيدًا من الاصطفافات الجيوسياسية، خاصة إذا ما استمرت بعض الأطراف في إطلاق تصريحات تعتبرها الدول النامية تهديدًا مباشرًا لسيادتها.

google-playkhamsatmostaqltradent