يسرا على السجادة الحمراء في مهرجان كان 2025: بين وهج الذهب وحدّة النقد
مقدمة صوت الواقع: فن وأزياء
تألقت مدينة كان الفرنسية مجددًا مع انطلاق فعاليات الدورة الثامنة والسبعين لمهرجان كان السينمائي الدولي، ذلك الحدث السنوي الذي يجمع نخبة نجوم الفن وصنّاع السينما من مختلف أرجاء العالم. وكعادته، لم يكن هذا الحدث مجرد مساحة لعرض الأفلام، بل نافذة عالمية تُعرض من خلالها صيحات الموضة وتُروى من على سجادته الحمراء قصص الأناقة والتعبير الفني.
ومن بين أبرز الحضور في اليوم الثاني للمهرجان، لفتت النجمة المصرية يسرا الأنظار بإطلالة لامعة أثارت جدلاً واسعًا بين الجمهور والنقاد على حد سواء. فبينما رأى البعض أن يسرا أطلت بأسلوب راقٍ يجمع بين الكلاسيكية والبريق، رأى آخرون، ومنهم ناقد الموضة اللبناني إيلي حنا، أن الإطلالة لم تكن موفقة بالكامل، بل حملت مبالغة واضحة وتكراراً في التصميم.
إطلالة ذهبية في لحظة سينمائية
يسرا، التي تعتبر واحدة من أبرز أيقونات الفن العربي، قررت في ظهورها هذا العام أن تعتمد فستانًا طويلًا بلون ذهبي لامع، بتصميم "كاب" واسع مزدان بتطريزات دقيقة تعكس الضوء وتبرز تفاصيل القماش بشكل درامي لافت. هذا التصميم أعاد إلى الأذهان ملامح فساتين العصر الذهبي لهوليوود، حيث تندمج الفخامة بالبريق.
ولم تكن الإطلالة الذهبية اختيارًا عشوائيًا، بل جاءت كرسالة بصرية واضحة: يسرا أرادت أن تظهر كنجمة مكرسة لها مكانتها في المشهد الفني العربي والدولي، مستحضرة بذلك حضورها القوي وسنواتها الطويلة من العطاء.
تفاصيل الإطلالة: التوازن بين الفخامة والبساطة
رغم فخامة الفستان، حرصت يسرا على اعتماد مكياج ناعم بألوان النيود الهادئة، وهو ما خلق توازنًا بين تألق الفستان وهدوء ملامح الوجه. هذه اللمسة التجميلية أضفت رقة واضحة على الإطلالة، وجعلتها أكثر انسجامًا مع طابع المهرجان السينمائي الذي يتطلب أحيانًا البساطة أكثر من البهرجة.
أما تسريحة الشعر، فجاءت بسيطة وطبيعية، حيث تركت خصلاتها منسدلة بحرية على كتفيها، دون تعقيدات أو تشكيلات مبالغ فيها، وهي تسريحة تنسجم تمامًا مع فلسفة الجمال التي تتبناها يسرا في معظم إطلالاتها الأخيرة: أناقة من دون صخب.
كما اختارت مجوهرات ماسية براقة – تتألف من أقراط وخاتم – لتكمل تفاصيل الإطلالة دون أن تسرق منها الأضواء، مما دلّ على وعي عالٍ بالتوازن البصري.
النقد الحاد من إيلي حنا: تحليل إطلالة النجمة من منظور مختلف
رغم محاولة يسرا المزج بين الفخامة والبساطة، إلا أن الإطلالة لم تمر مرور الكرام على عيون النقاد، خاصة اللبناني إيلي حنا، المعروف بمواقفه الصريحة ونقده الجريء.
في منشور نشره عبر صفحته الشخصية على "إنستغرام"، وصف إيلي الفستان بأنه "بيّان زيادة عن اللزوم"، وعلّق قائلاً إن "اللمعة غير موفقة، واللون الذهبي مع أشكال التطريز أعطى نتيجة مزدحمة بصريًا".
كما رأى أن التصميم لم يأتِ بجديد، واعتبره "مستهلكًا"، مشيرًا إلى أن مثل هذا النوع من الفساتين شوهد كثيرًا على السجادة الحمراء في مناسبات سابقة، مما أفقده عنصر التفرد.
لكن إيلي لم يكتفِ بالنقد السلبي، بل أثنى على اختيار يسرا للمكياج وتسريحة الشعر، معتبرًا أنهما أنقذا الإطلالة من السقوط الكامل، ومنحاها شيئًا من الرقي والأنوثة، قبل أن يمنح الإطلالة بشكل عام تقييمًا قدره 4 من 10.
بين النقد والتأويل: هل ظلم إيلي يسرا؟
أثار تعليق إيلي حنا ردود فعل متفاوتة بين الجمهور والمتابعين. فهناك من اعتبر رأيه قاسيًا، وأنه قلل من شأن إطلالة اختيرت بعناية لتناسب مهرجانًا بحجم "كان". بينما دافع آخرون عن وجهة نظره، مؤكدين أن النقد لا يستهدف الشخص، بل العمل أو الإطلالة.
والحقيقة أن الجدل حول تقييم الإطلالات في المحافل الكبرى هو أمر طبيعي، لا سيما في عصر الإعلام الرقمي حيث تتحول صور السجادة الحمراء إلى مادة تحليلية وتعليقات فورية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتخضع للذوق الشخصي، والمرجعيات الثقافية، بل وأحيانًا للميول الفنية.
يسرا: بين الأناقة والتجديد
من يتابع تطورات إطلالات يسرا خلال السنوات الماضية، يلاحظ أنها تختار غالبًا التصاميم التي تمزج بين الكلاسيكية والحداثة، وهي تحرص على الظهور بصورة متجددة دون أن تبتعد عن جوهر شخصيتها الفنية.
وفي مهرجان كان 2025، لم تشذ يسرا عن هذه القاعدة، لكن يبدو أن الرغبة في التألق الذهبي اصطدمت بحاجز التوقعات المختلفة، إذ أن ما يُعد مبهرًا لدى البعض، قد يبدو مبتذلاً في نظر آخرين، وهو ما حدث بالضبط في هذا الظهور الأخير.
هل فشلت يسرا في إيصال رسالتها البصرية؟
قد يُسارع البعض إلى اعتبار أن النقد السلبي يعني فشل الإطلالة، لكن في الواقع، فإن الهدف من إطلالة السجادة الحمراء لا يقتصر فقط على كسب الإعجاب، بل يشمل أيضًا لفت الانتباه وإثارة النقاش وإبراز الهوية الشخصية. وفي هذا الجانب، يمكن القول إن يسرا نجحت إلى حد بعيد.
إذ لا يمكن إنكار أن إطلالتها أصبحت موضع حديث الصحافة والجمهور، وأنها أضافت نكهة مميزة على تغطية اليوم الثاني للمهرجان، حتى وإن لم تحظَ بإجماع النقاد.
في النهاية: الجمال وجهة نظر
يبقى أن نؤكد أن الجمال في عالم الموضة هو مساحة مفتوحة للتعدد والاختلاف، ولا توجد صيغة واحدة للإطلالة المثالية. يسرا، في حضورها بمهرجان كان، اختارت أن تعبّر عن نفسها من خلال فستان ذهبي مشرق، وربما لم يكن هذا الفستان "الأفضل" في نظر النقاد، لكنه بالتأكيد كان امتدادًا لشخصية يسرا: امرأة قوية، واثقة، لا تخاف من خوض تجارب جديدة، حتى وإن كانت محفوفة بالمجازفة البصرية.
وفي عالم الأزياء، كما في الفن، من لا يجرب، لا يخلق شيئًا يُذكر.
